الجمعة، 15 مايو 2009

حوار حول طريق الزيت في جريدة الشرق الاوسط





رواية ترتقي إلى تاريخ اجتماعي للمكان وتحولاته ..


ناصر الصرامي يتحدث لـ «الشرق الأوسط» عن تجربته في «طريق الزيت»


الرياض: «الشرق الأوسط»يرى ناصر الصرامي مؤلف رواية «طريق الزيت» أن الرواية التي لفتت انتباه المثقفين السعوديين وغيرهم بعد أقل من شهر من صدورها وُلدت «مصادفة»، بدأت إرهاصاتها عبر قراءة دراسات علمية عن اكتشاف النفط، الذي غيّر وجه البلاد. رواية «طريق الزيت» صدرت عن دار الجمل، وتقع في 300 صفحة من القطع المتوسط، وتتحدث عن قرية الزيت، حيث مجتمع قروي يشهد تحولات مثيرة مهمة، قبل وبعد أن تصبح القرية الكبيرة جزءا من خارطة العالم.الصرامي يرفض القول إنه استخدم الإيحاءات الجنسية كرافعة لإيصال روايته إلى المتلقي الباحث عن الممنوع، فهو لا يرى أن هناك إيحاءات بقدر ما فيها من قمع جنسي مقصود في بيئة مغلقة، وهو يسعى في روايته إلى تفكيك دور الدين كمحرك اجتماعي في بيئة تستجيب لهذا الدور وتتأثر به.


> إلى أي مدى ترى أن روايتك «طريق الزيت»، تمثل تعبيرا عن الواقع الاجتماعي السعودي؟
- رواية «طريق الزيت» هي تجربة ترتقي إلى كتابة تاريخ اجتماعي للمكان وتحولاته الطارئة والباقية. هي أقرب إلى رصد لقصص وحكايات اجتماعية ظلت شفهية لوقت، منها ما نُقل تواردا ومنها ما نُقل فرديا، وهى حكايات صيغت في حبكة رواية مضاف إليها رصد تحليلي لاكتشافات الزيت وخياله، حيث وظفت الأسطورة لخلق التمازج الدائم بين المكان والناس والوقت والأحداث وتضاريس الجغرافيا، فالزيت له حكايته وقصصه وخياله الذي لا يتوقف، وله تأثيراته الملهمة والملتهبة في آن واحد.الرواية قدمت لهذا الرصد في أسلوب يعانق الناس والحياة، الحياة التي مرت، والحياة الباقية بآثارها إلى الأبد، أو حتى الآن على الأقل.

> لم تستخدم الرواية كسابقاتها الإيحاءات الجنسية لكنها شكلت «عوالم» يتحرك داخلها الموضوع الجنسي.. أليس كذلك؟
- لا توجد إيحاءات جنسية في الرواية، غير أنه يوجد فيها قمع جنسي مقصود في بيئة مغلقة أو قُدر لها أن تكون كذلك، كذلك فإن الدين وعوالمه وإسقاطاته هي جزء أصيل منا ومن القرية، وهو المؤثر الأزلي في المكان، والمستغل له والموظف له أيضا، لذا لا يجوز أن تخرج رواية ترصد لهذا المكان دون أن تفكك هذا التأثير وتطرح الخط الديني كمؤثر قوي وفاعل في مجتمع القرية بكل التحريف والتوظيف الذي حدث ويحدث.

> ما الجديد الذي يميزها عن غيرها من الروايات السعودية؟- الجديد في التجربة: اللغة والحبكة، حيث إنني أعتقد أن في «طريق الزيت» توظيفا خاصا يجمع تشعبات موقعنا الجغرافي، والمؤثرات الكبرى فيه، الدين والزيت وبالتأكيد الناس الطيبين. في النص ارتباط بين خيال الصحراء وخيال المكتشفين الأوائل، وفي الرواية اتفاق، وهو اتفاق تحريضي بين مكونات مهمة، تم التطرق إليها كثيرا في الرصد التاريخي.. الجديد هو المزيج لتاريخ اجتماعي، ولتأثير الإمام والمسجد، وتحريف الدور التقليدي إلى دور تنظيمي شوه النوايا والاتجاهات البسيطة عن مسارها أو أنه أجاد استغلالها.
> أحدثت الرواية شيئا من الصخب، هل ترى أن ذلك قد يضرّ بها أم أنه سيخدمها في مرحلتها الأولى؟- أنا سعيد باستقبال الرواية على هذا النحو لدى المثقف والقارئ والمتابع، لم يمر إلا شهر على صدورها، ولم تصل إلى كثيرين بعد، لكن أعتقد أن الرواية شيء آخر غير المقالة، أو وجهة النظر الطارئة، لذا من العدل أن تأخذ وقتها من أجل أن يطالعها الناس المتلقون بفسحة وتحدٍّ للنص والتفاصيل وتأمل أكبر قبل وبعد هذه الضجة الإعلامية.ولا شك أن الحديث عن أي رواية سعودية، وحتى نقاشها وتشريحها أو تقديمها واستقبالها على هذا النحو أو غيره، أمر مُثرٍ للإنتاج السعودي الثقافي الذي يستحق أن يصل إلى الداخل أولا قبل الخارج، وأن يصبح هو المنبر الجديد لفكر سعودي مختلف أو مختلَف عليه، حيث الرواية السعودية تعيش مقدماتها الأولى، وما نراه اليوم ليس إلا بدايات أولى سنشهد الكثير في ميدانها، الكثير المتنوع والصاخب والمختلف والمثير مما يفتح آفاقا جديدة وعصرا جديدا للرواية السعودية.


> يشاع أنك كتبت الرواية بتكنيك مختلف، بمعنى أنك تدعو من يقرأ الرواية إلى تصفحها، والثورة على أسلوب القراءة التقليدي.. ماذا يعني ذلك؟- صحيح، أول ما قلته للأصدقاء بعد صدور الرواية هو أن لا يطالعوها دفعة واحده، أن لا يقلّبوها صفحة صفحة، الرواية خط متصل، لكن يمكن للقارئ أن يقطع هذا الخط ويلتقط منها ما يريد كل مرة.. ليس جيدا أن تكون علاقتنا بالأشياء بما فيها الكتب علاقة تقليدية، لتكن علاقة خاصة وإبداعية تقطع أوصال الملل والتقليد. في «طريق الزيت» لكل قارئ الحق في اختيار الصفحات التي يريد أن يقرأها ويعيد قراءتها، ومطالعتها وإعادة ترتيب الفواصل الزمنية لاكتشاف الزيت وتحولات القرية الاجتماعية، حيث إن التوثيق متداخل والتأثير أو العلاقة مستمرة.

> هل نجحت هذه الرواية في تقديمك لعالم الأدباء كروائي قادر على لفت الانتباه؟- دعني أقُل إنني كتبت رواية حقيقة عشتها لأكثر من سنتين. صحيح أنني كتبت رواية «طريق الزيت» بشكلها الذي شغل الناس الآن، غير أنني لم أكن أعمد إلى ذلك بقدر ما كانت هناك إرهاصات بأنني أكتب رواية بدأت مصادفة، وتشكلت مع الأيام رويدا رويدا حتى اكتمل الجنين الروائي عبر مراحل مختلفة. لقد كانت «طريق الزيت» حزمة من خيوط كتابية اشتملت على أصناف تدوينية وأخرى خيالية كانت نواتها دراسات موثقة عن اكتشافات عظيمة شهدتا منطقتنا، ألا وهي تنقيب البترول، ثم أخذت تتنامى مع الأيام حتى استوى عودها واشتد بإضافة بعض الحكايات الاجتماعية التي كنا نستمع إليها، فتحولت الفكرة إلى رواية خرجت إلى الناظرين، وهذا كل شي.

ليست هناك تعليقات: