الأحد، 28 يونيو 2009

جريدة البيان الامارتية...تشرح لطريق الزيت وروايته...









2009-06-28 00:11:27 UAE



طريق الزيت


لم تتجه رواية «طريق الزيت» للكاتب ناصر صالح الصرامي نحو الآني والعبثي والبحث عن الفرد خارج الجماعة أو منفصلا عنها، ولكنها اتجهت بهم الأنا الفردي والجمعي معا، بحثا عن الفرد وعن الجماعة، تحققا في التاريخ ومتصالحا مع العصر، عبر تاريخ طويل من الصراع الدراماتيكي بين الأسطورة والواقع وبين الحلم والتحدي، بين التاريخ من جهة وبين المستقبل وأيهما يحكم الآخر، ويتغلب على الآخر في القرية.

لم يغب المؤلف في هذه الرواية أو لم يمت، كما يقول دعاة موت المؤلف، ولكنه كان حاضرا يبدو صارما أحيانا، وواعيا بتحديه ورؤيته دون مباشرة ودون غموض، مدركا، ما أدركه صارم، الذي يطل علينا منه، أن «نقل الأسطورة مقامرة أو مغامرة» الذي نقل لنا رواية الصحراء والزيت حيث «كل حبة رمل أشبه بالكلمة الغائبة، كلمات هي أشباه تتشكل لسطور غير مكتملة، مملة أو مائلة، في لعبة لا يجيد الالتصاق بها إلا مغامر فاشل أو مجنون متطلع إلى الدروشة»، ثم يستدرك قائلا: «لكنه زمن الكشف، زمن التحول والرؤية» هكذا كتب صارم دون أن يؤرخ كتابته، فهل يقصد تاريخنا أم تاريخ سلفنا!أم أنها كما يقول «مرحلة عبور للغد، لليوم، للحظة، مهما تكن التناقضات».. هكذا كتب الصرامي تاريخ طريق الزيت في هذه الرواية.
كان طريق الزيت طويلا، وخادعا كما تقول الرواية، فقد انتظرت القرية» رزقها من السماء من مطر السماء، لكن هاهو ـ كما ـ يشاع سيأتي من باطن الأرض، من كرم الأرض وجودها ورحمها» نعم أتى من الأرض حين آتى مكتشف أخرى وثان وثالث، وحين تجاوبنا مع ملاحظات الأخر في اكتشاف الذات.. دلالات ثقافية عديدة تحملها رواية الصرامي في تجسيدها لسيرة المكان وتقديم خارطته الخاصة وعلاقاته الداخلية وكيميائية حياته بتفاصيلها ونفاقها ومجاملتها، بهدوئها وصخبها، تأتي كأنها انسراب ذاكرة تصر على ملء كل الثقوب، جامعة بين الخيال الجامح والواقع التقليدي لتبرز أو تخفي ملامح ما، رواية أو قصة أو سرد منثور في أجزاء ومفاصل من قرية الزيت الكبرى وبعض حكمتها وعقوق أهلها في أرض مباركة، وفي زمن متداخل، ولكن رغم الخيال الجامح والواقع التقليدي لم تغب الدلالة المبطنة لنقد متجاوز لكثير من المعهودات الثقافية والسياسية، وحضور المؤلف الذكي والشفيف أضاف للرواية وأجزائها شوقا وعمقا وسفرا بعيدا، بدلا من فوضى الذاتية التي تضيع معها قيمة الذات ويموت المؤلف!
دلالات عميقة
تمتلئ «طريق الزيت» بالكثير من الدلالات العميقة التي لم تغادر الذي غدا عنوان الرواية طريقا للقرية وطريقا للتاريخ عبر أحداث روايته، التي خدعتنا حين صورت نفسها تنقيبا في أساطير التاريخ، لتوهمنا أنها تروي لنا تاريخا لم نعشه ولم نعرفه، حين تفاجؤنا أجزاؤها حين نجدها تتحدث ـ أحيانا كثيرة ـ عن تاريخ وأساطير نعيشها، إنها ليست سيرة المكان وأسطورته ولكنها حفريات الإنسان والمكان، حيث الزيت رابط رئيسي في نقل المكان والإنسان لطور جديد، ولكنه ليس الرابط الوحيد، فبعده رابط الوعي، الذي أدى إلى الزيت وما زال موجودا معه وبعده!

------------
المؤلف في سطور
ناصر الصرامي كاتب وإعلامي سعودي شغل مناصب إعلامية متعددة، يعمل حاليا مديرا للإعلام في محطة«العربية»، بدأ حياته الصحافية بالعمل في جريدة «الرياض» لمدة 15 عاما في بداية مبكرة عمل خلالها في مختلف أقسام التحرير بالجريدة، ثم أسس أول إدارة للإنترنت في الصحافة السعودية عام 1999 التي قامت بتطوير وتشغيل وإدارة المواقع الإلكترونية للجريدة، ثم تولى تأسيس وإدارة المكتب الإقليمي للجريدة بمنطقة الخليج منذ عام 2001.
انتقل في العام 2004 إلى الشركة السعودية للأبحاث والنشر، حيث أسس إدارة للنشر الالكتروني تولت تنفيذ كافة مواقع الشركة ومطبوعاتها على الشبكة العالمية، إضافة إلى تنفيذ عدد من المشاريع والدراسات الإعلامية المستقلة.كما أسس وعمل في أهم المواقع العربية الالكترونية، سبق أن اصدر الصرامي كتابا عن ثقافة مجتمع المعلومات وتحولاته العام2000، كما وان له مشاركات عدة في مؤتمرات ومعارض إقليمية ودولية ومساهمات في مجال نشر تقنية المعلومات.
الكتاب : طريق الزيت
تأليف : ناصر صالح الصرامي
الناشر : دار الجمل كولونيا ألمانيا 2009
الصفحات : 300 صفحة
القطع : المتوسط






ليست هناك تعليقات: